RSS

موقف الجيش المصري من الثورة .. قراءة في توازنات القوي

16 فيفري

اختلفت الاراء كثيرا الايام الماضية في تحديد موقف الجيش والمجلس الاعلي للقوات المسلحة خاصة من الثورة ..هل هويقف بجانب الثورة والثائرين ويسير في طريقها ومحققا لاهدافها بحكم سيطرته علي المشهد الحاكم في البلاد .. ان انه يحتويها ويطفيء نيرانها يوما بيوم ويحدد مساراتها ويغلق خياراتها حتي تصل الي موقع محدد سابقا من اطراف اكبر من اللاعبين المحليين والاقليميين ..

فنحن  وسط لعبة سياسية كبيرة جدا ليس في مصر وحدها .. ولا في اطار المنطقة.. بل علي مستوي العالم.. وتوازن القوي فيها حساس وانفعالي جدا في هذه المرحلة خاصة وان ثورة تونس فاجأتهم كثيرا .. وتلتها الثورة المصرية العارمة  . وان وضعنا في المنظور موقع مصر الحيوي جغرافيا وشعبيا .. وقناة السويس تحديدا في ضوء التهديد المتنامي والمد الايراني علي الخليج العربي  مضيق هرمز . فانه من العبث التصور ان الموقف المصري محصور  بين الشعب و الجيش فقط حتي وان اضفنا اليهما بقايا نظام لازال يأمل في العودة ..

وفي ظلال هذه التحركات سمعت اصوات كثيرة تشيد بموقف الجيش وتدغو الي تركه ودفة البلاد لعله يريد اصلاحا .. وبين من يحذر من ترك الامور علي الغارب للجيش ..فبريق السلطة والكراسي المحيطة به يعمي كل بصيرة .. ومن هنا كانت المطالبة بمظاهرات مليونية جديدة يوم الجمعه 18/2/2011 لاظهار القوة الثورية وبيان ان المور لا زالت تحت سيطرة الثوار والشعب المصري ..

اليوم في لعبة القوي هذه لا يوجد من هو صديق مطلق ولا عدو مطلق..ولابد اننا نعمل بهذا المنطق  طوال الوقت..والثورة كانت في منتهي الذكاء في التوقيت والسيطرة والتفاعل مع التيارات السياسية الموجودة .. وكان التوفيق من الله  هو العامل الرئيسي في توجيه محصلة القوي في اتجاه مطالبنا.
لكن علي كل الاحوال لا يجب ان نصدق  ان الجيش كان معنا طول الوقت..وعندما نتحدث عن الجيش لابد ان نفصل بين الجيش القيادة المركزية – وهي اعلي مستوي في القيادة ة –  والجيش القيادات الميدانية وهم القادة علي الارض وحتي مستوي الاليات والفرق  المسلحة.
بالتأكيد القيادة الميدانية من اول لحظة مع الشعب ..لانها في واقع الامر هي جزء من النسيج الشعبي المصري والقيادة المركزية في عهد حسني مبارك اذلت هذه القوات في العشر سنوات الاخيرة وسحبت مميزاتها  وحتي كرامتها كحرس للوطن ومدافعين عنه ..  ..لذلك لا خوف من هؤلاء ..خاصة في ظل تيقظ الشباب القائم بالثورة في انشاء علاقة بينهم وبين القيادات الميدانية بذكاء وحرص شديدين .
اما القيادة المركزية فلا يخفي علي احد انها كانت مع مبارك طول الوقت وكانت تتمني انتهاء الازمة وبقاء النظام مع بعض الاصلاحات ..وذلك نابع في واقع الامر من قمة الوطنية من بعض هؤلاء القيادات والذين يدركون حجم المخاطر الخارجية وكم المؤامرات حول البلد من الخارج ويخشون ضعف الصفوف الامامية للجيش او حدوث مواجهة مع الجماهير ..هذه المواجهات قد تضغف التماسك بين القوات علي الحدود والجبهة الداخلية .. والجزء الاخر  من هذه القيادات كان دافعه الوفاء للنظام ولمنصبه ..ونعلم جميعا  ان المشير سافر الي واشنطن يوم 26 -1 واجتمع بمستشاري الرئيس اوباما والرئيس نفسه وطلب سحق الثورة قبل ان يفقدوا السيطرة عليها وطلب اسلحة تكتيكية للتعامل مع المظاهرات ..ورفضت واشنطن ذلك .فطلب منهم  مهلة 48 ساعه لانهاء الازمة وقد تغيرت وقتها لهجة واشنطن الي المطالبة بالاصلاح وبقاء الرئيس حتي نقل السلطة لرئيس منتخب  ..
الامر الان اننا يجب ان نتحرك في ظل هذا التوازن الدقيق الموجود داخل القيادة العليا للقوات المسلحة. و دون اصدار احكام او تخوين او خلافه وعلينا ان نظر الي مصلحة الثورة  والتحالفات الخارجية والداخلية  ونقاط الضعف والقوي في الموقف بشكل عام ونرسم وسط ذلك مسار دقيق نتحرك علي اساسه. وهناك عدة امور يجب الالتفات اليها
الامر الاول .. النزول الي الشارع يوم الجمعه ضرورة هامة جدا… يجب ان نظهر للجميع وبالذات  الجيش اننا لا زلنا قوة ضاربة ولها ثقل علي مسرح العمليات بلغتهم.. خاصة ان تصرفات رئيس الوزراء احمد شفيق في الفترة الماضية تدل علي ان هناك شيء ما  يحدث .. فهو يتعمد تفريغ طاقة الثورة. يرفع المرتبات… توظيف  .. .  شقق جديدة …. وعود بالاصلاح ..  واستجابة فورية للمطالب .. علي ما يبدو بغرض  يشق الصف واستبعاد  مجموعه كانت لا تحلم من الامر الا بهذه المكاسب من الموقف  ..ومن الغريب ايضا  اصراره الا ينادي مبارك الا بالرئيس حتي الان .المهم… النزول للشارع هام جدا وان كنا مليون في الاوقات الماضية لفلابد ان نكون ملايين  ينزلوا الي الشوارع والميادين لانهم يراهنون علي ان الحركة يوم 25 يناير كانت مجرد فورة – كما يسميها ابو الغيط وشفيق – وستهدأ مغ الوقت وتضيع مطالبها ..

الامرالثاني ….الضغط الخارجي والذي يتزايد مع الوقت لانهم في امريكا واوربا  يحبون ان يتباهوا انهم في صف الحريات .. ولا يخفي علينا بالطبع  ان هناك حرب ديبلوماسية في العالم الان بين معسكرين ..

معسكر يري دعم مصر وتوجيهها في اتجاه التنمية الصحيحة في قراءة لسيناريو كوريا الجنوبية ..وتتزعمه امريكا التي فشلت تجربتها في العراق فشلا زريعا وتبحث في مصر عن فرصة ثانية ..
المعسكر الاخر وعلي رأسه السعودية وايران – وسبحان الله لم يتفقوا يوما الا علي هذا –  ودول اخري وبدفع من مبارك واسرته وبواقي نظامه .يهدف الي فقد الامن والاستقرار والهبوط الاقتصادي الحاد والسريع للحالة المصرية …ليبرهنوا لشعوبهم ان نهاية الثورات دمار للبلد وان الاستقرار مع الذل والهوان ارحم .. وبذلك يحمون عروشهم وكراسيهم من عدوي الثورة التي اصبحت لا تقف عند حدود .
هناك معسكر ثالث علي خطوط التماس.يخشون من نجاح المعسكر الغربي في جعل مصر حليف تابع وبذلك تكون سيطرة امريكا مطلقة علي المنطقة ومنابع الغاز والبترول وفي نفس الوقت يخشون من ان انهيار الدولة المصرية ستكون تبعاته وخيمة علي العالم كله.
هؤلاء يراقبون احصنة السباق عن كثب ..  وان كان زخم الثورة مستمر وفورانها في زيادة فسيضعون رهاناتهم علي الثورة وهو  ما سيمهد لدولة مصرية قوية جدا وغير تابعه لاي جهة وتتلقي الدعم والتأييد في ظل توازن القوي لمجرد عدم انحيازها لطرف دون اخر.
هذه وجهة نظر شخصية مبنية علي روئيتي للاحداث خلال الفترة الماضية

 
أضف تعليق

Posted by في 16/02/2011 بوصة خواطر

 

أضف تعليق